الأزمة البنكية في اليمن

عبد الحافظ عباد
من المعروف أن وطننا الجميل يمر بخلافات سياسية واقتصادية وأمنية ..الخ ولهذه الخلافات حيثيات ودوافع وأسباب عديدة سيقع جميع الأطراف في خلاف أشد لو دخلوا في نقاش وجدال حولها  ، لكن من المهم وقد وصل الأمر الى الأزمة البنكية الراهنة ، أن يسعى الجميع من أجل عملية توحيد النظام المالي والمصرفي في مختلف مناطق اليمن ، واستشعار أن ذلك ضرورة وأولوية في هذا المنعطف التاريخي الهام ، الذي يحتم على جميع الأطراف ترك أي خلاف جانبا ، والعمل الجاد والمشترك لتجنيب المواطنين الآثار والتداعيات السلبية للأزمة البنكية على وضعهم المعيشي الهش أصلاً ، والتركيز على الجوانب المشتركة في النظام المالي والاقتصادي لدى الطرفين للبناء عليها في العمل بنية صادقة ورغبة فاعلة ، وترك كل الأمور المختلف حولها ، ويبدأ هذا من خلال تعديل الخطاب الإعلامي من جميع الأطراف ، واعتماد خطاب هادئ ومسؤول بكل ما تعنيه المسؤولية من معنى ، فالطبيعة الإنسانية عندما تنحاز إلى التركيز بشكل قوي على الأشياء المختلف حولها يكون هذا سببا رئيسيا في إحداث شروخ أكثر وأزمات وكوارث أشد وأقوى ، أما التركيز على الجوانب المتفق حولها حتى وإن كانت قليلة والرغبة الصادقة في الوصول الى توافقات عميقة ، سيجذب قدراً كبيراً من توافقات أخرى قد تكون غير متوقعة .
والعقلاء في هذا الوطن يدركون جيدا أن دول العالم والإقليم وبغض النظر عن الاصطفافات مع القوى الوطنية مع من وضد من ، لن تقدم شيئا لوطننا الحبيب ، وبالتالي عليهم أن يعملوا هم بأنفسهم على كل ما هو صحيح ومشترك ، ويعود بالنفع على الجميع دون استثناء على قاعدة أن الكل يستفيد وفي مقدمتهم عامة الشعب والناس البسطاء ، ويجب أن تعرف جميع الأطراف المتنازعة أنها إذا لم تقم بالدور الوطني المؤمل منها بنوايا صادقة ، فإن نهضة الوطن وتعافيه الاقتصادي ، وخروجه من هذا النفق المظلم لن يكون بالشيء اليسير ، فالإنسان يخطئ ويتغلب عليه في بعض الفترات عدم القدرة على مراجعة أخطائه سواء نتيجة الغرور الإنساني أو لأسباب أخرى ، لكن الإنسان العاقل هو الذي يستطيع مراجعة أخطاءه بنفسه إيمانا منه بأن الاستمرار بالخطأ الذي يضر بالوطن وبملايين الناس شيء لا يقبله مسؤول صاحب ضمير واحساس وطني ، وانظروا الى دول العالم من حولنا ، كيف أنها عندما يحدث فيها خلافات سياسية وعسكرية لا تؤثر على اقتصاداتهم ولا يجعلون تلك الخلافات تنعكس عل الاقتصاد الوطني .
وهذا دليل على عقلانيتهم ، أقل القليل فيما يتعلق بشريان حياة المواطن وهو الوضع الاقتصادي والمعيشي ، أما نحن فننجر وراء خلافاتنا حتى نصل الى الجانب الاقتصادي في ظل وضع إقليمي وعالمي ملتهب يلقي بتداعياته على الوضع الداخلي لبلادنا بشكل مباشر ومؤثر .
ولذلك علينا أن نعي جيداً أن العالم لن يتدافع لإصلاح شأن اليمنيين مثلما لم يفعل من قبل ، بل سيتركه يتدهور ولن يستطيع إصلاحه حتى ولو أراد ، ما لم تحضر عقلانية اليمنيين ويعودون الى رشدهم ويغلبون مصلحة الشعب ، ويعملون على تلافي هذه الأزمة البنكية ، ويعملون معاً على وضع معالجات وحلول مشتركة للوضع الاقتصادي الراهن في هذا المنعطف الهام في حياة وتاريخ شعبنا اليمني .

اخبار ذات صلة